حسن معاملة كبار السن: احترام للأخلاقيات وحقوق الإنسان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أصبحت ظاهرة العنف من أهم المشاكل الاجتماعية التي استرعت انتباه المعالجين والباحثين، فضلاً عن إثارتها اهتمام الجمهور العام في جميع أنحاء العالم منذ العقد الأخير من القرن الماضي، وعلى الرغم من خطورة الظاهرة في معناها الواسع فإنَّ المجتمعات في المقابل - وللأسف - قلَّما تتوقف عند فداحتها ومدى تأثيرها على كبار السن الذين عادة ما يتعرضون لها من قبل أقرب الأشخاص وبالتالي يستعصي على المعنيين اكتشاف مثل هذه الحالات ليسلَّطوا الضوء على أسبابها ودوافعها، سعياً إلى وضع سبل الحماية والرعاية المتبعة لضمان حياة كريمة للمسنين.
وتشير الدراسات إلى أنَّ كبار السن في العديد من دول العالم يتعرضون يومياً لسوء المعاملة والعنف سواء جسدياً أو نفسياً أو حتى مادياً من خلال حَجْر بعض الأبناء على آبائهم، كما تؤكد الدراسات أنَّ قضايا الاعتداء على كبار السن وإهمالهم وممارسة العنف ضدهم لا تزال من القضايا الاجتماعية المسكوت عنها بل إنَّ العديد من المسؤولين يتقاعسون عن إيجاد الحلول التي تسهم في علاج هذه الظاهرة الآخذة في الانتشار، حيث ثمة حقيقة تؤكد أنَّ الأبناء يشكلون المتهم رقم واحد في قضايا العنف، ويأتي الزوج أو الزوجة بنسبة الثلث، وتؤكد دراسة لمنظمة الصحة العالمية أنَّ النساء المسنات يتعرضن للعنف بما نسبته 36% من قبل الشباب، بينما المسنون الرجال يتعرضون للعنف بنسبة أقل.
وفي إطار مزيد التحسيس والتوعية وتدعيم حقوق كبار السن والحفاظ على مكانتهم وكرامتهم في الأسرة وفي المجتمع، نظمت نادى بيت جدودنا يوم 2013/10/24 ، ندوة وطنية حول موضوع: "حسن معاملة كبار السن: احترام للأخلاقيات وحقوق الإنسان"، تحت إشراف جمعية الوداد وبحضور عدد ذوي الاختصاصات المختلفة وثلة من الكفاءات المتقاعدة والناشطين في الحقل ألجمعياتي وطلبة من المدرسة العليا للهندسة المعمارية ومن كلية الطب ومدارس علوم التمريض.
وقد تولت السيدة أماني أم محمد افتتاح هذه الندوة مؤكدة على حساسية موضوع الندوة وأن اختيار الموضوع لم يكن اعتباطيا وإنما جاء نتيجة لبعض الإشكاليات والصعوبات التي يعيشها كبار السن في مجتمعنا وفي سائر المجتمعات الأخرى، وأنه تم اختيار هذا الموضوع تحديدا لما له من أهمية وأبعاد إنسانية وأخلاقية ودينية وقانونية.
وتخللت الندوة مداخلات قيمة ومتنوعة تناولت الموضوع من مختلف جوانبه: الاجتماعية والقانونية والصحية والنفسية، وبمختلف أنواعه الجسدية والنفسية والاستغلال المالي وكذلك الإهمال والتهميش والتمييز... تولى تقديمها مختصون في علم الاجتماع وطب الشيخوخة والطب النفسي ومهندسين معماريين.
كما قدم " خبير مختص في طب الشيخوخة بالمناسبة مداخلة حول "طرق التدخل والوقاية من سوء معاملة كبار السن"، بيّن من خلالها التجربة الاردنية في مجال الوقاية من سوء المعاملة وكيفية التصدي لها.
وندّد المشاركون في هذه الندوة بالإجماع وبكل شدّة جميع أشكال العنف وسوء معاملة كبار السن وضرورة احترامهم وتبجيلهم وإيلائهم العناية اللازمة والحفاظ على كرامتهم مع التأكيد على أهمية التواصل والتكافل والتآزر بين الأجيال، مؤيدين في ذلك موقف وزارة الشئون من سوء معاملة كبار السن واعتباره من السلوكيات والممارسات المنتهكة للأخلاقيات ولحقوق الإنسان التي يجرّمها القانون.
وقد أسفرت أشغال الندوة إلى العديد من التوصيات والمقترحات من أهمها:
تأكيد وتفعيل دور الأسرة في العناية بمسنيها وحسن معاملتهم.
مزيد تحسين الناشئة بضرورة احترام وحسن معاملة كبارنا ومزيد إقحام هذه المبادئ والقيم في البرامج التربوية.
إلزام كل مواطن يلاحظ سوء معاملة كبار السن لفائدة
إحداث مركز نداء يهتم بالإصغاء والإرشاد والتوجيه لكبار السن ويعتبر بمثابة الآلية الحنائية ويستغل كقاعدة بيانات.
تدعيم التكوين والتحسين والتوعية والتثقيف والإعلام والإصغاء في المجال.
احترام استقلالية المسن وتوفير المناخ الملائم للحفاظ عليها.
ضمان مشاركة المسن في الحياة اليومية وتغيير النظرة السلبية لبعض أفراد المجتمع لكبار السن.
تنظيم حلقات للنقاش والتواصل وتبادل الخبرات لأسر مرضى الزهايمر ومعينيهم وتمتيعهم بتكوين مختص في المجال.